رام الله تحاضن ابنها البار محمود درويش

مرسيل خليفة في جنازة درويش في عمان




تلفزيون نابلس - شيع الفلسطينيون الأربعاء شاعرهم الكبير، محمود درويش، في رام الله بالضفة الغربية في مراسم تأبين مؤثرة، خاصة من جانب نصفه الآخر، الشاعر سميح القاسم، وبحضور رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وأفراد أسرة درويش وشخصيات وطنية ودينية وثقافية فلسطينية وعربية ودولية من بينها، وزير الخارجية الفرنسي السابق، دومينيك دوفيلبان.
وقال عباس في تأبين درويش، الذي رحل عن 67 عاماً "نودع نجماً أحببناه إلى درجة العشق، وإن الفارس العنيد ترجل عن صهوة الشعر والأدب، ليترك فينا شمساً لا تغيب، ونهراً لا ينضب، من عطاء الخير والبشائر والأمل."
القاسم: هل مسخنا قبائل تتخلى عن قيمها؟
أما الشاعر الفلسطيني سميح القاسم فقال في كلمة له خلال مراسم التأبين "إنه كان لجثمان درويش أن يطلب الراحة الأبدية في مقبرة البروة الجليلة، لكن المستوطنين يصرون على تحويل مقبرة أجداده إلى حظيرة لمواشيهم. إنهم ينتقمون لأسلحتهم عن مواجهة قصيدتك، لكل البشر لكل الشعوب تحت رايات الحرية والسلام والإبداع."
وأضاف: "ولأنك مسكون بالحنين إلى خبز أمك وقهوة أمك، فإنهم مسكونون بهاجس العبثية والزوال، ولأنك مفعم بحب شجرة الخروب التي على الطريق بين البروة وعكا، فإنهم ملغمون بالكراهية وشهوة التدمير والتدمير الذاتي، لأنهم لا يحبون الحياة والسلام بقدر ما تحب أشجار الخروب والسنديان في وطنك."
وقال: "لنا أن نعتز بالانتماء إلى شعب لا يتقاسم أرغفة الحصار فحسب، بل يتقاسم قبور الشهداء والشعراء، دليلا على أنه شعب حضارة، لم يكن في حضارته وقصيدته ومقاومته شعب إرهاب كما يدعي شهود الزور والإرهاب من هواة العنصرية والعدوان."
وأضاف القاسم: "ليس على الشعب الواحد أن يعيش بفكر واحد وأن يموت بنهج واحد، إن لم نكن شعباً واحداً، هل عدنا إلى الجاهلية؟ هل مسخنا قبائل تتخلى عن قيمها؟"
وكان جثمان الشاعر محمود درويش قد وصل إلى رام الله قادماً من العاصمة الأردنية، عمان، على متن مروحية، هبطت في مقر المقاطعة برام الله، حيث جال حرس الشرف بالجثمان في المقاطعة بجوار ضريح الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات.
زعماء وقادة العالم يعزون بوفاة درويش
وكان معظم قادة دول العالم قد سارعوا إلى تقديم التعازي للشعب الفلسطيني وقيادته بغياب الشاعر محمود درويش.

فقد التقى عباس برئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دوفيلبان، الذي حضر إلى رام الله معزياً برحيل الشاعر محمود درويش.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق في كلمة نعى فيها درويش: "باسمي وباسم الرئيس ساركوزي والشعب الفرنسي، أتقدم بأحر التعازي برحيل الشاعر الكبير محمود درويش"، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية.
وأضاف أن درويش وجد الكلمات ليعبر بأحاسيسه عن رجال وقفوا وصمدوا، وعن شعب بأسره، "لقد تركنا لآلامنا، وأن صوت محمود درويش سيبقى في ذاكرة الجميع يعبر عن الأمل."
وقالت في برقيتها: "إن شغف الشعب الفلسطيني بدرويش سيظل يتردد صداه من خلال إرثه الأدبي.. وكلي أمل أن يحل السلام، وأن تقام الدولة الفلسطينية الزاهرة كما كان درويش تواقا لها."
فقد قال الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، في برقية تعزية للشعب الفلسطيني ولعائلة وأصدقائه: "كان درويش واحداً من كبار الشعراء المعاصرين، وكان فلسطينياً ملتزماً، ومن خلال ترحاله في لبنان ومصر وتونس وفرنسا، شاهداً وفاعلاً في عصره."
يشار إلى أن عباس تلقى برقية تعزية برحيل الشاعر محمود درويش من وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، التي تقدمت بأحر التعازي لمحمود عباس وللشعب الفلسطيني برحيل شاعرهم.
كذلك قدم القنصل العام الأميركي في القدس، جاكوب واليس، تعازيه لمحمود عباس بوفاة درويش، وقال: "لقد نقلت أشعاره الراقية إلى العالم أحزان الشعب الفلسطيني وآماله، ونذر درويش حياته للشعب الفلسطيني ولإقامة الدولة الفلسطينية وإحلال السلام في المنطقة. إنني أدرك تماماً أن الشعب الفلسطيني خسر بموته قائداً مهماً."
من جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير إن بلاده تشاطر الفلسطينيين عزاءهم وتقديرهم لمحمود درويش "هذا الرمز الكبير الذي يعكس شعره الحنين والحرية ويخاطبنا جمعيا."
قادة عرب يعزون برحيل درويش
كما نعى العاهل الأردني الشاعر درويش واصفاً إياه بالمبدع والمجدد في القصيدة العربية، وصوت ينبض بالإنسانية، تجاوز بحضوره الثقافي وعطائه الشعري المتميز الجغرافيا العربية نحو آفاق العالمية، حاملاً بروائعه الشعرية عدالة القضية الفلسطينية وهموم الشعوب العربية في جميع المحافل الأدبية، وكان محط تقدير وإعجاب الأوساط الثقافية في مختلف دول العالم.
من جهته، أشاد الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، بإبداعات درويش الرائعة ونضالاته الرائدة من أجل القضية الفلسطينية وإسهاماته في خدمة الثقافة العربية
وبعث الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية، برقية تعزية إلى رئيس السلطة الفلسطينية بوفاة الشاعر الفلسطيني الكبير، جاء فيها: "علمنا ببالغ الأسى والأسف بالنبأ المحزن لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير المرحوم محمود درويش الذي وافاه الأجل بعد عمر حافل بالنضال والتعبير الملتزم عن القضية المصيرية للشعب الفلسطيني الشقيق."
وكان درويش قد توفي إثر مضاعفات ناجمة عن عملية قلب مفتوح في مدينة هيوستن الأمريكية في التاسع من أغسطس/آب الجاري.(التفاصيل)